تراجعت أسعار الذهب تراجعًا طفيفًا بالأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الخميس، بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين الكيان المحتل وحماس، في وقت ما تزال فيه حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي العالمي وتوقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية تدعمان الاتجاه الإيجابي للمعدن النفيس، بحسب تقرير منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي للمنصة، إن أسعار الذهب بالسوق المحلية تراجعت بنحو 5 جنيهًات خلال تعاملات اليوم مقارنة بنهاية تعاملات أمس، ليسجل جرام الذهب عيار 21 نحو 5440 جنيهًا، بينما استقرت الأوقية العالمية عند 4045 دولارًا، بعد أن لامست مستوى 4060 دولارًا كأعلى سعر في تاريخها.
وأشار إمبابي إلى أن عيار 24 سجل نحو 6217 جنيهًا، وعيار 18 بلغ 4663 جنيهًا، وعيار 14 وصل إلى 3627 جنيهًا، بينما استقر سعر الجنيه الذهب عند 43520 جنيها.
وأضاف أن أسعار الذهب كانت قد ارتفعت أمس الأربعاء بنحو 120 جنيهًا، حيث افتتح عيار 21 التعاملات عند 5325 جنيه وأغلق عند 5445 جنيهًا، بينما صعدت الأوقية من 3980 إلى 4045 دولارًا، بعد ان لامست أعلى مستوى لها على الإطلق عند 4060 دولارًا.
استقر الذهب عالميًا فوق مستوى 4000 دولار للأوقية اليوم الخميس، إذ يقيّم المستثمرون اتفاق الهدنة في غزة، في حين تواصل توقعات خفض الفائدة الأمريكية دعم شهية المستثمرين تجاه المعدن النفيس.
وأظهرت محاضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في سبتمبر أن معظم صانعي السياسة اتفقوا على ضرورة المزيد من التيسير النقدي للحفاظ على استقرار سوق العمل وسط تباطؤ النمو الاقتصادي.
وحققت أسعار الذهب العالمية مكاسب قوية في الأيام الماضية مدفوعةً بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة، في ظل استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي للأسبوع الثاني وتزايد الرهانات على خفض أسعار الفائدة.
وبحسب أداة CME FedWatch، تسعّر الأسواق احتمالًا بنسبة 93% لخفض بمقدار ربع نقطة مئوية في أكتوبر، و79% لاحتمال خفض آخر في ديسمبر، ما يعكس ثقة قوية بأن الفيدرالي الأمريكي سيُعطي الأولوية للنمو الاقتصادي على حساب السيطرة على التضخم.
تراجع مؤشر الدولار الأمريكي للجلسة الثالثة على التوالي، ما قدم دعمًا إضافيًا للأصول غير المدرّة للعائد مثل الذهب، بينما يترقب المستثمرون تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول القادمة لتحديد وتيرة التيسير النقدي.
ورغم أن الاتجاه على المدى القريب يشير إلى استقرار نسبي للأسعار، فإن النظرة الأوسع لكل من الذهب والفضة تظل إيجابية، مدعومة بتوقعات خفض الفائدة واستمرار حالة القلق الاقتصادي العالمي.
ويتوقع المحللون أن يتحرك الذهب في نطاق 3980 إلى 4100 دولار للأوقية، مع وجود دعم قوي قرب مستوى 4000 دولار.
يرى المحللون أن المعدن الأصفر يتحرك ضمن اتجاه صاعد مدعوم بعوامل جوهرية، إذ يتوقع المتعاملون أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة مرتين إضافيتين بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر وديسمبر، بعد بدء دورة التيسير في سبتمبر الماضي.
كما يُضيف الإغلاق الحكومي الأمريكي عنصر ضغط إضافي على الاقتصاد، ما يدفع المستثمرين للتحوّط عبر الذهب.
ورغم ارتفاع الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى له منذ أواخر أغسطس، إلا أن هذا الصعود لم ينجح في كبح الزخم الشرائي للمعدن، وسط تجاهل المستثمرين لإشارات التشبّع الفني في السوق.
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن بين إسرائيل وحماس ضمن المرحلة الأولى من خطته لإنهاء الحرب في غزة.
أشار مجلس الذهب العالمي إلى أن الاستثمارات في صناديق الذهب المتداولة (ETFs) بلغت 64 مليار دولار منذ بداية العام، وسجّل شهر سبتمبر أكبر تدفق شهري في ثلاث سنوات، ما يعكس تصاعد وتيرة التحوّط من صدمات الأسواق.
وفي الوقت ذاته، أضافت البنوك المركزية نحو 15 طنًا إلى احتياطياتها في أغسطس، بقيادة البنك الوطني الكازاخي، ضمن جهودها لتنويع الأصول بعيدًا عن الدولار الأمريكي.
كما كشف بنك الشعب الصيني (PBOC) عن زيادة احتياطيات الذهب للشهر الحادي عشر على التوالي في سبتمبر، لتصل إلى 74.06 مليون أوقية، بقيمة 283.29 مليار دولار، مقابل 253.84 مليار دولار في أغسطس، مما يؤكد استمرار سياسة التنويع الاستراتيجي لدى ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
أوضح تقرير «آي صاغة» أن الذهب ارتفع منذ بداية العام بنحو 54% مدفوعًا بشراء البنوك المركزية وتزايد الطلب الاستثماري وضعف الدولار.
ورفع بنك جولدمان ساكس توقعاته لسعر الذهب في ديسمبر 2026 من 4300 إلى 4900 دولار للأوقية، استنادًا إلى استمرار تدفقات الاستثمار المؤسسي.
ويرى محللون أن اجتماع هذه العوامل — من الإغلاق الحكومي الأمريكي، وتراجع الثقة في السندات، والضبابية السياسية العالمية — يشكل بيئة مثالية لدفع الذهب نحو مستوى 5000 دولار للأوقية خلال الأشهر المقبلة إذا استمرت الأوضاع الحالية.
محليًا، تتأثر السوق المصرية بالتحركات العالمية للذهب والدولار، إذ يتوقع خبراء «آي صاغة» أن تستقر الأسعار ضمن نطاق 5400–5500 جنيه لعيار 21 خلال الأسبوع الجاري، مع احتمالية تسجيل قمم جديدة حال تجاوز الأوقية عالميًا مستوى 4100 دولار.
ويؤكد التقرير أن «الذهب ما زال الملاذ الأكثر ثقة في مواجهة التحديات العالمية، وأن أي تراجع مؤقت لا يُعد سوى هدنة في مسار صعود طويل الأمد».