تشهد المملكة العربية السعودية تحولات غير مسبوقة في سوقها العقاري،والذى يواجه عدد من التحديات أبرزها أزمة الإسكان وارتفاع الأسعار، وهي العقبة التي تُعيق طموح المدينة في منافسة المراكز المالية الكبرى في المنطقة مثل دبي وأبوظبي.
في إطار هذه الجهود، أطلقت الحكومة سلسلة من الإجراءات الجذرية، شملت تجميد الإيجارات لمدة خمس سنوات، ورفع الضرائب العقارية بمقدار أربعة أضعاف لتحفيز بناء مزيد من المنازل والمكاتب. وتهدف هذه الخطوات إلى تحسين جودة الحياة في الرياض، التي تشكل محور خطة “رؤية 2030” لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
لا تستهدف الإصلاحات السعودية المواطنين المحليين فقط، بل تمتد أيضاً إلى الشركات العالمية والمواهب الأجنبية التي تسعى المملكة إلى جذبها ضمن رؤيتها الطموحة. فوفقاً لمصادر اقتصادية، فإن قدرة الرياض على استقطاب هذه الفئات تُعد محوراً أساسياً في خطتها لتوسيع نشاطها في مجالات مثل الائتمان الخاص، والذكاء الاصطناعي، والاستثمار البديل.
وتشير بيانات شركة نايت فرانك العقارية إلى أن أسعار الشقق في الرياض تضاعفت تقريباً خلال السنوات الخمس الماضية، ومع ذلك، لا تزال المدينة تواجه تحديات في توفير مساكن حديثة تتناسب مع احتياجات المديرين التنفيذيين والمستثمرين الأجانب.
وقال إلياس أبو سمرة، الرئيس التنفيذي لشركة رافال للتطوير العقاري، إن ارتفاع الإيجارات إلى مستويات تمثل 40% من دخل الأفراد بدلاً من 15% أو 20% يضعف القدرة التنافسية للمدينة، مؤكداً أن “قطاع العقارات يجب أن يكون منصة داعمة لـرؤية 2030، لا عائقاً أمامها”.
تدخل حكومي لتهدئة السوق العقاري
خلال الأشهر الأخيرة، كثفت الحكومة السعودية جهودها للحد من الارتفاع المتسارع في أسعار العقارات، إذ وصف ولي العهد بنفسه الزيادة الأخيرة بأنها “غير مقبولة”.
وبحسب تقرير صادر عن شركة CBRE، شهدت إيجارات الشقق في الرياض ارتفاعاً بنسبة 15% خلال النصف الأول من العام الجاري، بينما زادت إيجارات الفلل بنحو 8%، مما أثار ضغوطاً مالية على السكان المحليين والمغتربين على حد سواء.
أسعار المجمعات السكنية ترتفع والمساكن القديمة تتصدر المعروض
تُعد المنازل داخل المجمعات السكنية المغلقة – التي تضم متاجر وصالات رياضية ومسابح – الخيار المفضل لدى المقيمين الأجانب، لكنها أصبحت محدودة العرض. وتشير التقارير إلى أن أسعار الشقق داخل تلك المجمعات تتراوح بين 4,000 و6,000 دولار شهرياً لشقة مكونة من غرفتي نوم، مع وجود قوائم انتظار طويلة.
أما المساكن الأرخص، فهي متوفرة بالفعل، إلا أن معظمها يعود إلى عقارات قديمة تفتقر إلى المرافق الحديثة. وأكد أحد الوسطاء العقاريين أنه واجه صعوبة في العثور على مسكن مناسب لرئيس تنفيذي أجنبي رغم بحثه المكثف، ما يعكس حجم التحدي الذي تواجهه الرياض في موازنة العرض والطلب.